السبت، 30 يوليو 2011

آلة الزمن




تخيل أن هناك عالما مصريا أو هنديا حتى قد اخترع آلة للزمن تستطيع الرجوع بها الى الزمن الذى تريد .. وطلب متطوعا ليجرب تلك الآلة وتقدمت أنت لتجربها .. راح هذا العالم يشرح لك كيفية استخدامها وأنه سوف يرسلك الى اليوم الذى تريده بالتحديد ويمكنك أن تحمل معك ما تريد من متاع .. وعنما تريد العودة ليس عليك الا أن تفعل كما كان يفعل أحمد مكى فى فيلمه طير انت ليعود الى حقيقته .. ابتسمت أنت عندما ذكر هذه النقطة .. هو لا يعرف أنك لن تعود .. هو لا يعرف أنك سوف تقوم بتفجير المكان الذى ستذهب اليه بالكامل وتكون أنت أول القتلى .. طلبت منه أن  يرسلك الى منطقة معينة فى القاهرة لتحضر حفل تكريم .. ليس كأى حفل تكريم .. انه حفل تكريم اللورد كرومر فى عام 1906 .. طبعا لا يعرف العالم نيتك فى تفجير المكان الذى تم فيه تكريم اللورد كرومر الذى ظل حاكما لمصر قرابة الربع قرن من الزمان وهاجم الاسلام والقرآن وحاول جاهدا القضاء على اللغة العربية وفى عهده تمت الحادثة البشعة .. حادثة دنشواى .. وتم خفض ميزانية التعليم الى أدنى مستوياتها .. والكثير والكثير من الخطايا التى تمت فى حق هذا الشعب .. أنت أردت الانتقام وقتله هو ومن حضر حفل التكريم .. وكيف أصلا يتم تكريم رجل كهذا جاء محتلا ورحل كمحتل .. قام العالم بتلبية طلبك وأرسلك الى المكان والموعد المطلوبين وأنت استعددت لهذا بأن اخذت معك الكثير من المتفجرات والأسلحة لتقضي على كل الموجودين .. دخلت الحفل ودهشت لهذا المشهد المهيب .. العديد من البشر حضروا الاحتفال ... آه يا خونة .. هذه نهايتكم جميعا .. شرعت تجهز المتفجرات الى أن لفت انتباهك شخص رأيته من قبل .. شخص كث الشارب ويرتدى طربوشا كالجميع .. يا ربي .. انه هو .. انه سعد زغلول بطل ثورة 1919 .. لماذا جاء الى هذا المكان يا تري .. ربما جاء لاغتيال اللورد كرومر .. ولكننى لم أقرأ عن تلك المحاولة قط .. لننتظر ونرى .. وضعت أسلحتك جانبا وبدأ الاحتفال .. قام اللورد كرومر يلقى كلمة بمناسبة الاحتفال .. قال بأن الاحتلال البريطانى باق الى ما شاء الله .. نظرت الى سعد لتعرف ردة فعله فاذا به يبتسم .. ربما ابتسامة سخرية وتهكم .. شرع اللورد كرومر يسب المصريين جميعا ويصفهم بالجهل والتخلف .. نظرت الى سعد فاذا به يبتسم .. اللورد كرومر يمدح سعد زغلول .. ما الذى يحدث ؟؟ .. اما أنه ليس سعد أو أن هذا ليس اللورد كرومر .. لابد أن العالم قد أخطأ وأرسلنى الى مكان مخالف .. ولكن كيف .. هذا هو سعد زغلول ولقد قال اللورد كرومر اسمه عدة مرات .. والكل يهتف كرومر كرومر .. هناك خطأ ما لست أعرفه .. انتهى الاحتفال اللورد كرومر يصافح سعدا وسعد يبتسم بكل سرور .. من المؤكد أنه سيقتله الآن .. لم يفعل .. لماذا .. أين الخطأ ؟؟ .. الزعيم سعد زغلول زعيم وطنى قاد ثورة 1919 .. لماذا يهادن قوى الاحتلال ؟؟ .. رأسي يؤلمنى من  كثرة التفكير ..لابد لى أن أعود الى زماننا كى أعرف الحقيقة ولربما عدت مستقبلا ... فعلت كما فعل احمد مكى وكما نصحنى العالم وعدت .. سألت العالم عما حدث فأخبرنى بآخر ما كنت أتوقعه .. قال ان الزعيم سعد زغلول كان فى فترة من فترات حياته من ضمن قوى الاعتدال التى تقف بجوار الاحتلال الانجليزى قبل أن يثور ويقود الثورة .. شعرت بغصة فى حلقى بعدما عرفت هذه المعلومة .. الزعيم الذى نذكره فى التاريخ بكل خير كان يقف بجوار الاحتلال .. الزعيم الذى نعتبره رمزاً لمصر كان يقف مع الاحتلال .. كان يحضر حفل تكريم اللورد كرومر بعد كل فعله بمصر والمصريين .. لقد قاطعت زميلا لى لأنه قال أنه يخشي على مصر من نتائج الفوضي التى تتبع الثورات .. وسببت آخر لأننى رأيته يقرأ جريدة قومية ويقرأ لمن هاجم الثورة يوما ما .

أيها البشر .. لا تنسوا أنكم بشر تصيبون وتخطئون.




الجمعة، 15 يوليو 2011

وعدت أخيرا



لا أصدق أننى عدت أخيرا للكتابة ولمدونتى العزيزة .. فى الحقيقة تسارع الأحداث
 وكثرتها وعدم قدرتى على تحديد الصدق من الكذب منعنى كثيرا من أن أكتب أو حتى أعلق على الكثير .. بالاضافة الى انشغالى فى امتحانات نهاية العام .. المهم هو أننى عدت أخيرا .. لن أتحدث عن أى حدث جارى من تلك الأحداث التى تشغل الرأى العام اعذرونى .. سوق أقص على حضراتكم قصة بسيطة حدثت لى شخصيا منذ عام تقريبا .. تبدأ القصة حينما كان على أن أتواجد فى مأتم شخص متوفى ( هو فى مياتم لناس عايشة ؟؟ !! ) قريب لأحد أصدقائي
عادة فى مثل هذه المواقف أجد نفسي مضطر للجلوس بين أشخاص لا أعرفهم مطلقا  وبغض النظر عن أن أحد التابعين قال بأن هذا النوع من المناسبات يعتبر نواحا على الميت ولكننى اضررت للحضور .. حضرت قبل أن يبدأ القارئ بالترتيل بحوالى خمس دقائق وجلست فى مواجهة شخص ضخم الجثة جذبنى صوته الجهورى والذى يتناسب تماما مع ضخامة جسده .. راح هذا الشخص يحكى لنا ( فجأة وجدت نفسي فى دائرة الحديث ) عن علاقته بأحد الشيوخ الذين قد رفع عنهم الحجاب كما يدعى .. قال بأنه يوما اتفق مع صديق له على الذهاب الى الحسين لأداء صلاة الجمعة فى هذا المسجد المبارك .. ويوم الجمعة وحينما ذهب كيفما اتفق ولأن صديقه هذا ليس من بلده فقد اتفق على أن يتقابلا فى منتصف الطريق فى مدينة قريبة من مدينتيهما .. ولكن هذا الصديق اتصل به يومها بعدما سافر هذا الشخص وأخبره بأنه نسي بطاقته الشخصية وأوقفه ضابط شرطة فهو لن يستطيع الحضور للأسف واعتذر له أشد الاعتذار .. المهم أن هذا الشخص قد عقد النية الخالصة على الذهاب وعدم التراجع مهما حدث .. وبالفعل ذهب الى مسجد الحسين وأدى صلاة الجمعة وجلس قليلا فى المسجد فوجد أن خطيب الجمعة توجه اليه بعدما نزل من على المنبر وقال له مباشرة :" صديقك لم يأتى معك ؟؟"
n      فى البداية ظن هذا الشخص بأنه أخطأ فنظر اليه مستنكرا ولكن الشيخ أكمل :" أوقفه ضابط شرطة فى الطريق ولم يستطع الحضور "
n      هنا فقط اندهش الرجل .. كيف عرف هذا الشيخ بما حدث وعرفه من بين المصلين ؟؟

 المهم أنه مر الوقت منذ هذا الحادث الى أن تعرف ببعض الشيوخ فى بلدته وأعطاه احدهم مبلغا ماليا ليوصله الى شيخ آخر بالاضافة الى ( بطة ) , هكذا قال .

انتفخت أوداج هذا الشخص وهو يحكى هذا الجزء ولاحظوا معى أن هذه هى لحظة التنوير كما يقولون
قال :" كنا أواخر الشهر الميلادى وكنت بحاجة للمال فطلبت من زوجتى أن تذبح البطة وقمت بانفاق المال كله وحين جاء الشيخ الآخر والذى من المفترض أن أعطيه المال والبطة رأيته متجهما وقال لى : أعرف أنك أكلت البطة وأنفقت المال وعقابا لك ستدفع المال مضاعفا وتشترى لي بطتين .. والحمد لله أنه فى هذا اليوم بالذات كنت قد حصلت على مرتبي ومعى من المال ما يكفى لأعطيه ما طلب .. أرأيتم أنه شيخ رفع عنه الحجاب كما أخبرتكم ؟؟ "


أردت أن أتحدث فوجدت أنه أمامى حلين فقط لهم ثلاثة احتمالات :

الأول : أن أحدثه مباشرة قائلا : " حد قالك قبل كدة انك ساذج ؟؟ "
وهذه الجملة تؤدى الى احتمالين لا ثالث لهما
أولهما : أن يبتسم الرجل سعادة ويقبل يدي ويعتبرنى ممكن كشف الحجاب عنهم أيضا وهذا كفيل بأن أصبح مشهورا وشيخ كبير يقصدنى الناس السذج مثله ونهايتى بالتأكيد هى السجن بتهمة النصب والاحتيال

وثانيهما : أن يكور قبضته ويوجه لى لكمة عنيفة كفيلة بأن تنهى حياتى 


والحل الآخر هو أن أدخل موجة هستيرية من الضحك وهذا أيضا كفيل بموتى حيث أنه ليس من الأدب أن أضحك فى مثل هذه المناسبة .

والحمد لله أن القارئ بدأ فى ترتيله قبل أن أتهور وأنهى حياتى بتهورى الأهوج

وشرع القارئ يقول :" بسم الله الرحمن الرحيم .. وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ " صدق الله العظيم